قال الشاعر اليمني المعروف محمد أحمد منصور:
«قالوا أتحلم في حكم البلاد غدًا فقلتُ لا أبتغي صنعاء أو عدنا.
فأتعس الناس في الدنيا وأنكدهم من يمتطي الليث، أو من يحكم اليمنا».
وفي هذه المقولة شيء كثير من الصحة لأن حكم اليمن لم يكن سهلاً على حاكم في أكثر فترات تأريخه، فما بالكم الآن وهو يمر بأخطر أزمة في تأريخه بعد انهيار الدولة ومؤسساتها إثر استيلاء الميليشيا الحوثية المؤسَّسة والمدعومة إيرانياً على اليمن ومقدراته، والعبث بديموغرافيته، والإصرار على جعله تابعاً لمكتب المرشد الأعلى الإيراني وحرسه الثوري، في ظل تواطؤ صارخ من المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن وبعض الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا.
لذلك كان حوار رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي مع قناة العربية الأسبوع الماضي مهماً للغاية، انتظره المراقبون طويلاً، أملاً في حديثه عن كثير من القضايا والملابسات التي تخص الأزمة اليمنية بطرفيها، الشرعية والحوثيين. نعرف جيداً أن الظروف التي يحاول خلالها المجلس الرئاسي إدارة شؤون اليمن صعبة وغير مواتية تضافرت في خلقها وتأزيمها عوامل عديدة، خارجية وداخلية، وقد كثرت الشائعات عن عدم انسجام المجلس الرئاسي ووجود خلافات داخله، وانتشرت أخبار عن الفساد، وشاعت مقولات أن المجلس غير حريص على التقدم خطوات عملية ملموسة لإثبات جديته في تحرير اليمن من جاثوم الحوثيين، سلبيات كثيرة بعضها حقيقي وبعضها روجه وبالغ فيه الإعلام المسخر للحوثيين وطابوره الخامس وبعض أذرعته في الخارج المتصلة بالمنظمات والوسائل الإعلامية، حتى أصبح المشهد اليمني ملتبساً تماماً، ومحيراً للمراقبين في كيف يمكن انتشاله من هذا المأزق المتفاقم.
لكل هذه المعطيات أصبح الحوار الأول للرئيس رشاد العليمي في غاية الأهمية؛ لأنه يمثل قمة هرم المسؤولية عن الشأن اليمني، وحديثه - نظرياً - سوف يكون المرجعية الموثوقة للمعلومات الصحيحة عن أزمة اليمن. وللحق فقد كان الدكتور العليمي رجل دولة حقيقياً في حواره، بوعيه السياسي وخبرته الطويلة السابقة في الدولة اليمنية، وثقافته الدبلوماسية الجيدة، ووطنيته الحقيقية، والأهم عدم مراوغته في الإجابات أو التنصل من الإجابة على بعض المواضيع الشائكة المتعلقة بالأزمة، سواءً داخلية أو خارجية.
أكد العليمي أن سبب عدم استمرار الهدنة هم الحوثيون لأنهم لم يلتزموا بتنفيذ ما يخصهم من التزامات رغم التزام الشرعية بكل ما عليها، إضافة إلى التنازلات التي قدمتها من أجل الشعب اليمني، بحسب قوله. هذا السبب معروف للجميع، وبناءً عليه فإن السؤال التلقائي يكون أين المجتمع الدولي ومنظماته ومبعوثوه للأزمة اليمنية وقرارات مجلس الأمن وغيرها. أجاب العليمي بشكل مباشر بأنهم إلى الآن لم يصلوا إلى درجة تصنيف الحوثيين ميليشيا إرهابية رغم ارتباطها بالحرس الثوري. أرادت الإدارة الأمريكية السابقة ذلك لكن الجديدة تراجعت، وهي ترى الدعم العلني الإيراني للحوثيين بالأسلحة. المجتمع الدولي يضغط على الشرعية والتحالف ويتراخى تماماً أمام الحوثيين، مجرد إدانات لهم لا تقدم ولا تؤخر.
كل هذه التعقيدات والملابسات شرحها الرئيس العليمي بهدوء ووضوح وحضور يليق بشخصية رئيس دولة. ونحن معه تماماً في كثير مما ذكره في ملفات الأزمة، ولكن يحتاج المكون اليمني الشرعي بشقيه السياسي والعسكري إلى ترتيب بعض أوراقه المهمة الحساسة التي يلومه عليها الشعب اليمني لأنه يتباطأ في حسمها، ومنها تهم الفساد والخلافات الداخلية التي يشاع وجودها بين مكونات المجلس الرئاسي وغيرهم من الكوادر المهمة خارجه.
النقطة المهمة اللافتة للانتباه هي التي قالها العليمي في نهاية الحوار بأن اليمن سيتحرر سلماً أو حرباً، ومع معرفتنا بحسابات الدول الكبرى في المنطقة وتوظيف أوراقها المهمة كالورقة اليمنية، وتعطيلها تحقيق سلام في اليمن بغض الطرف عن الحوثيين، فالقرار النهائي هو لإرادة الشعب اليمني الذي لو تضافر مع حكومته الشرعية ضد الحوثيين في معركة مصير فلن تستطيع أي قوة وأد إرادة الشعوب، لكن ذلك مشروط بأن تكون الشرعية مقنعة بأدائها وأفعالها لكل اليمنيين.. أعان الله اليمن.
«قالوا أتحلم في حكم البلاد غدًا فقلتُ لا أبتغي صنعاء أو عدنا.
فأتعس الناس في الدنيا وأنكدهم من يمتطي الليث، أو من يحكم اليمنا».
وفي هذه المقولة شيء كثير من الصحة لأن حكم اليمن لم يكن سهلاً على حاكم في أكثر فترات تأريخه، فما بالكم الآن وهو يمر بأخطر أزمة في تأريخه بعد انهيار الدولة ومؤسساتها إثر استيلاء الميليشيا الحوثية المؤسَّسة والمدعومة إيرانياً على اليمن ومقدراته، والعبث بديموغرافيته، والإصرار على جعله تابعاً لمكتب المرشد الأعلى الإيراني وحرسه الثوري، في ظل تواطؤ صارخ من المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن وبعض الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا.
لذلك كان حوار رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي مع قناة العربية الأسبوع الماضي مهماً للغاية، انتظره المراقبون طويلاً، أملاً في حديثه عن كثير من القضايا والملابسات التي تخص الأزمة اليمنية بطرفيها، الشرعية والحوثيين. نعرف جيداً أن الظروف التي يحاول خلالها المجلس الرئاسي إدارة شؤون اليمن صعبة وغير مواتية تضافرت في خلقها وتأزيمها عوامل عديدة، خارجية وداخلية، وقد كثرت الشائعات عن عدم انسجام المجلس الرئاسي ووجود خلافات داخله، وانتشرت أخبار عن الفساد، وشاعت مقولات أن المجلس غير حريص على التقدم خطوات عملية ملموسة لإثبات جديته في تحرير اليمن من جاثوم الحوثيين، سلبيات كثيرة بعضها حقيقي وبعضها روجه وبالغ فيه الإعلام المسخر للحوثيين وطابوره الخامس وبعض أذرعته في الخارج المتصلة بالمنظمات والوسائل الإعلامية، حتى أصبح المشهد اليمني ملتبساً تماماً، ومحيراً للمراقبين في كيف يمكن انتشاله من هذا المأزق المتفاقم.
لكل هذه المعطيات أصبح الحوار الأول للرئيس رشاد العليمي في غاية الأهمية؛ لأنه يمثل قمة هرم المسؤولية عن الشأن اليمني، وحديثه - نظرياً - سوف يكون المرجعية الموثوقة للمعلومات الصحيحة عن أزمة اليمن. وللحق فقد كان الدكتور العليمي رجل دولة حقيقياً في حواره، بوعيه السياسي وخبرته الطويلة السابقة في الدولة اليمنية، وثقافته الدبلوماسية الجيدة، ووطنيته الحقيقية، والأهم عدم مراوغته في الإجابات أو التنصل من الإجابة على بعض المواضيع الشائكة المتعلقة بالأزمة، سواءً داخلية أو خارجية.
أكد العليمي أن سبب عدم استمرار الهدنة هم الحوثيون لأنهم لم يلتزموا بتنفيذ ما يخصهم من التزامات رغم التزام الشرعية بكل ما عليها، إضافة إلى التنازلات التي قدمتها من أجل الشعب اليمني، بحسب قوله. هذا السبب معروف للجميع، وبناءً عليه فإن السؤال التلقائي يكون أين المجتمع الدولي ومنظماته ومبعوثوه للأزمة اليمنية وقرارات مجلس الأمن وغيرها. أجاب العليمي بشكل مباشر بأنهم إلى الآن لم يصلوا إلى درجة تصنيف الحوثيين ميليشيا إرهابية رغم ارتباطها بالحرس الثوري. أرادت الإدارة الأمريكية السابقة ذلك لكن الجديدة تراجعت، وهي ترى الدعم العلني الإيراني للحوثيين بالأسلحة. المجتمع الدولي يضغط على الشرعية والتحالف ويتراخى تماماً أمام الحوثيين، مجرد إدانات لهم لا تقدم ولا تؤخر.
كل هذه التعقيدات والملابسات شرحها الرئيس العليمي بهدوء ووضوح وحضور يليق بشخصية رئيس دولة. ونحن معه تماماً في كثير مما ذكره في ملفات الأزمة، ولكن يحتاج المكون اليمني الشرعي بشقيه السياسي والعسكري إلى ترتيب بعض أوراقه المهمة الحساسة التي يلومه عليها الشعب اليمني لأنه يتباطأ في حسمها، ومنها تهم الفساد والخلافات الداخلية التي يشاع وجودها بين مكونات المجلس الرئاسي وغيرهم من الكوادر المهمة خارجه.
النقطة المهمة اللافتة للانتباه هي التي قالها العليمي في نهاية الحوار بأن اليمن سيتحرر سلماً أو حرباً، ومع معرفتنا بحسابات الدول الكبرى في المنطقة وتوظيف أوراقها المهمة كالورقة اليمنية، وتعطيلها تحقيق سلام في اليمن بغض الطرف عن الحوثيين، فالقرار النهائي هو لإرادة الشعب اليمني الذي لو تضافر مع حكومته الشرعية ضد الحوثيين في معركة مصير فلن تستطيع أي قوة وأد إرادة الشعوب، لكن ذلك مشروط بأن تكون الشرعية مقنعة بأدائها وأفعالها لكل اليمنيين.. أعان الله اليمن.